• 2019-06-01

اخترت لكم

مع الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله تعالى، بأسلوبه الرائع الراقي، وإرشاداته الظاهرة الباطنة، يوجهنا ويرشدنا إلى الاقتداء والاتباع الحق لرسولنا الكريم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم والتمسك الواضح الصحيح بهذا الدين الذي جاء به من رب العالمين تبارك وتعالى
ومع جزء من فقرة اخترناها من الكتاب الذي جمعه حفيدة (مجاهد مأمون ديرانية) من مقالات وخطب وبرامج تتركز حول سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وقد اختار للكتاب عنوانًا جديرًا بما جمع فيه (سيد رجال التاريخ).
وإليكم الفقرة التي اخترناها :
يا سيدي يا رسول الله "نشرت سنة 1947م
الصلاة والسلام عليك يا سيدي يا رسول الله ورحمة الله وبركاته.
هذا يوم تشرفت في مثله الأرض بمولدك، واستضاءت بنورك، قد جعلناه – بعدك – عيدًا (وأشهد ما شرعت لنا إلا العيدين) فنصبنا الأعلام، وأذعنا الأنغام، واجتمعنا على الخطب والكلام، والشراب والطعام، فالطرقات مزدحمة بالسرادقات، والمساجد والمقابر ملأى بالزائرين الزائرات، والصحف والمجلات فيّاضة بالفصول والمقالات، وفي كل مكان مظاهر الأفراح والمسرات: في الشوارع والساحات، والأزقة والحارات ..
فعلنا ذلك حبًا بك وابتهاجًا بمولدك، ثم أُبنا إلى مساكننا فهجعنا هادئة ضمائرنُا، هانئةٌ سرائرنُا، إذ قد وفينا لهذه الذكرى التي لم يمر على ذهن التاريخ الإنساني أعظم منها أثرًا ولا أعلى قدرًا ولا أبقى ذكرًا، أما اتّباع دينك، والاهتداء بهديك، والوقوف عند أمرك ونهيك، فلم نفكر فيه ولم ندخله في "برنامج الاحتفال"!
فهل يعجبك – يار رسول الله – ما فعلنا؟ هل يرضى به ربك عنا؟
لقد بُعثتَ بـ "لا إله إلا الله". دعوت العرب إليها فأبوها، فأُمرتَ أن تقاتلهم حتى يقولوها، وخيّرتهم بين السيف وبينها فاختاروا السيف عليها، وآثروا أن يهلكوا عن أن ينطقوا بها، استصعبوها لأنهم عرفوا معناها، فعلموا أنها ليست كلمة تُقال بطرف اللسان، ولكنها دستورٌ كامل للحياة وصرفٌ لها عن وجهتها وتبديلٌ لكل صغيرة وكبيرة فيها.
"لا إله إلا الله"، هو القادر فلا تخف أحدًا إن كنت معه، هو البصير فلا تستتر بذنبك منه، هو الرحمن فلا تيأس من رحمته، هو الجبار فلا تأمن غضبه، هو معك حيثما كنت يراك أبدًا فاعبده كأنك تراه. هو الخالق البارئ المصور، أعطاك البصر فلا تنظر به إلى عورة، والسمع فلا تُلقِهِ إلى سوء، واللسان فلا تحركه بمحرّم، واليد فلا تستعملها في عدوان، والرجل فلا تمشِ بها إلى ظلم، والبطن فلا تُدخل فيه إلا حلالًا، وأنت منه وإليه لا مخرج لك عن ملكه. وهو المحيي المميت، منحك الحياة فلا تنفق دقيقة منها فيما يكره، وكتب عليك الموت فاذكره أبدًا وتهيّأ له ولا تنسَ أنه ملاقيك!
لقد كانوا أذكياء ففهموا معناها، وكانوا أشرافًا فلم يحبوا أن يقولوا بأفواههم ما لا يحققونه بأفعالهم، ولذلك استسهلوا القتل واليتم والثكل عن النطق بها. ثم لما أعدّهم الله لها، وكتب السعادة لهم فقالوها، صاروا بها سادة الدنيا وخلاصة الإنسانية وملائكة البشر.
ونحن – يا سيدي يا رسول الله – نحن نقولها كل يوم، على منائرنا ومنابرنا، وفي أسواقنا ومنازلنا، وعند دهشتنا ومسرتنا، لا نرى كلمة أخف منها على اللسان، ولكنها لا تجاوز ألسنتنا ولا تبلغ أفئدتنا ولا يكون لها أثر في حياتنا، فهل نحن مسلمون؟

آخر أخبار أحمد علي العطاوي

  • الصالون الثقافي بفرع جمعية الإصلاح بالحد "مدرسة مستشفى"

    2021-10-15

    الصالون الثقافي من البرامج التي لاقت قبولًا واستحسانًا من أعضاء الفرع أو الضيوف، حيث تنوعت أطروحاته، فشملت نواحي الحياة المختلفة، الشرعية، والإجتماعية، والعلمية، وجوانب ثقافية كثيرة، بطرح وأداء مميز. وفي واحدة من هذه الإطروحات ومن أجمل الليالي الثقاف...

  • اخترت لكم : خواطر في جبر الخواطر

    2020-07-21

    تمر علينا في هذه الدنيا أيام وسنوات، يتقلب فيها المرء، بين فرح وسرور، وظل وحرور، وشوك وزهور، وكلها في فلك حياته تدور، يؤنسه بعضها، ويؤلمه غيرها، ويستظل بظلها، ويكويه حرها.. فيحتاج من يشاركه فرحته، ويؤنس وحشته، فلا أجمل من أخ أو صديق، لطلته بريق، في ح...

  • فلنطمئن

    2020-03-01

    قال الله تعالى: "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون" (التوبة: 51). أي نحن تحت مشيئة الله تعالى وقدره، وهو ملجؤنا ونحن متوكلون عليه وهو حسبنا ونعم الوكيل (ابن كثير). وفي تفسير السعدي (وعلى الله) وحده (فليتوكل المؤم...

  • ذكريات الماضي: أحاسيس ومشاعر

    2019-12-01

    ها قد طويت من العمر صفحات، وأمست ذكريات، وكلما مر طيفها بمخيلتي، أو شاهدت صورة من ذاك الزمان، عادت بي الذكريات والحنين لتلك الأيام، فأفتح صفحات الماضي فتشعل أحاسيسي ومشاعري. وها هو ذا قلمي يأخذني في رحلة، مستأنسًا بتلك الأحاسيس والمشاعر.

  • اخترت لكم

    2019-10-01

    نرشف رشفات وبعض الوقفات من كتاب (خلق المسلم) للشيخ محمد الغزالي رحمه الله، والأخلاق بحر واسع، وقد كفانا الشيخ عناء الإبحار والغوص، واستخرج لنا الدر، وما علينا سوى التزين به. أولًا: باب الصدق: المشاهد أن الناس يطلقون العنان لأخيلتهم في تلفيق الأضاحي...